مقدمة
التشوه الشرياني الوريدي الدماغي (AVM – Arteriovenous Malformation) هو خلل نادر في الأوعية الدموية يحدث عند تشابك الشرايين والأوردة بطريقة غير طبيعية، مما يؤدي إلى تدفق الدم بشكل مباشر من الشرايين إلى الأوردة دون المرور بالشعيرات الدموية. قد يسبب هذا الخلل نزيفًا دماغيًا أو نوبات عصبية، ويُعد من الحالات التي تتطلب تدخلاً طبياً دقيقًا. من بين الخيارات العلاجية المتاحة، برزت أشعة غاما نايف (Gamma Knife Radiosurgery) كواحدة من أنجع الطرق غير الجراحية لعلاج التشوهات الوعائية الدماغية، وخاصة عند وجود خطر عالٍ للجراحة المفتوحة.
ما هي أشعة جاما نايف؟
غاما نايف ليست “سكينًا” بالمعنى الحرفي، بل هي جهاز متخصص في الجراحة الإشعاعية يستخدم تركيزًا عالي الدقة من الأشعة المؤينة (عادة أشعة غاما) لاستهداف الأورام أو التشوهات الوعائية داخل الدماغ بدقة بالغة دون الحاجة إلى جراحة تقليدية. يُستخدم أكثر من 190 شعاعًا من أشعة غاما، تلتقي كلها في نقطة واحدة على التشوه المراد علاجه، مما يسمح بتدمير الخلايا غير الطبيعية دون التأثير على الأنسجة السليمة المحيطة
صورة تظهر قبل و بعد المعالجة بأشعة الجاما نايف و غياب التشوه كاملاً

دور غاما نايف في علاج AVM
1. آلية العلاج
تعتمد الجراحة الإشعاعية على تدمير الأوعية الدموية غير الطبيعية داخل التشوه الشرياني الوريدي. بعد العلاج، تبدأ هذه الأوعية بالانغلاق تدريجيًا خلال فترة تتراوح من 6 أشهر إلى 3 سنوات، حتى يتم إغلاقها بالكامل، مما يقلل من خطر النزيف الدماغي.
2. المؤشرات
يُفضل استخدام غاما نايف في الحالات التالية:
- وجود AVM في أماكن حساسة أو عميقة يصعب الوصول إليها جراحيًا.
- حجم التشوه صغير إلى متوسط.
- وجود موانع للجراحة المفتوحة بسبب الحالة الصحية العامة للمريض.
المزايا
- غير جراحي: لا حاجة لشق في الجمجمة أو تخدير عام.
- دقة عالية: يقلل من خطر التأثير على الأنسجة الدماغية السليمة.
- تعافٍ سريع: يمكن للمريض العودة لنشاطه الطبيعي خلال وقت قصير.
- نسبة نجاح عالية: خاصة في التشوهات الصغيرة، حيث تصل نسب الإغلاق التام للتشوه إلى 80–90% بعد 2–3 سنوات.
المتابعة بعد العلاج
يخضع المرضى لمتابعة دورية تشمل:
- تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) كل 6–12 شهرًا لتقييم استجابة التشوه للعلاج.
- في بعض الحالات، يتم إجراء تصوير شرياني دماغي (Cerebral Angiography) بعد سنتين لتأكيد الإغلاق التام للتشوه.
خاتمة
يُعد علاج التشوه الشرياني الوريدي الدماغي بأشعة غاما نايف خيارًا ثوريًا وأمنًا للعديد من المرضى، خاصة أولئك الذين لا يمكنهم الخضوع للجراحة التقليدية. ورغم أن النتائج لا تظهر بشكل فوري، إلا أن الفعالية العالية والأمان النسبي جعلا من هذا الإجراء جزءًا أساسيًا من الخيارات العلاجية المتقدمة في جراحة الأعصاب.